وقد يكون ذلك الحكم لفظيًا كما إذا قلت: قام زيد وعمرو بعده، أو قلت: قام زيد وعمرو قبله، أو قلت: قام زيد وعمرو ومعه.
وقد لا يكون لفظيًا، كما إذا لم تلفظ بتلك الظروف، لكن معناها مستحضر عندك، فهو حكم منك أيضًا.
فكل ما كان هكذا فعطف بالواو فالمقصود منه (مجرد التشريك) في العامل الأول من غير تعرض لما حكم المتكلم به من غير وجه التشريك.
وتحرز بذلك من فهم السبقية في الوجود أو عدمها لا في الحكم. وليس ذلك بمراد، فإن المعتمد في الكلام حكم المتكلم بمقتضاه في الوجود، لا حصول الوجود، فقد يقول القائل: (قام زيد) اعتقادًا منه انه قام، ولم يقم. وقد يقوله كذبًا، وعلى غير ذلك، وليس في الخارج منه شيء. فلو كان ما في الخارج قيدًا في الكلام لم يكن ثم كذب ولا غلط ولا نسيان، فكذلك إذا قال: قام زيد وعمرو، قد يكون في اعتقاده أن زيدًا هو السابق لعمرو أو بالعكس، والأمر في الخارج على خلاف ذلك، فإذا قال: "في الحكم" كان متحرزًا من ذلك كله، ولم يستلزم الحكم على الخارج بأمر أن يكون كما حكم، بل قد يكون وقد لا يكون. وهذه المسألة مبينة في الأصول.
والسبقية هنا أطلقها، وهي التقدم، ولم يقيد ذلك، فكان في الكلام إبهام ما، وذلك أن التقدم والتأخر المتكلم فيه عند الأدباء، ليس الزماني خاصة. بل التقدمات كلها معتبرة عندهم على حسب المقاصد ومقتضيات الأحوال، وهي التقدم بالطبع والرتبة والشرف والسببية، ومنها التقدم