ويحتمل أن يكون سبب البناء فيا الاستغناء، باختلاف صيغها لاختلاف المعاني؛ لأن المتكلم إذا عبر عن نفس خاصة فله تاء مضمومة في الرفع، وفي غير الرفع ياء، وإذا عبر عن المخاطب فل تاء مفتوحة في الرفع، وفي غيره كاف تفتح وتكسر بحسب المذكر أو المؤنث، ولا يضر في هذا اتفاق اللفظ في النصب والجر نحو: ضربني غلامي، وضربك غلامك، وضربه غلامه، وضربنا غلامنا، وما أشبه ذلك، كما لا يضر ذلك في المعربات حيث اتفق النصب والجر معا، وذلك نحو: ضربت الزيدين، ومررت بالزيدين، وضربت الهندات، ومررت بالهندات، ورأيت الزيدين، مررت بالزيدين، ورأيت أحمد، ومررت بأحمد، فهذه أربعة أنواع، يتفق فيها لفظ النصب والجر، ولم يكن ذلك قادحًا في التفرقة لأجل وجود التمييز بالعامل، فكذلك ما نحن فيه وهو حسن في نفسه، لا بحسب قصد الناظم، وإن كان ابنه قد رجحه في شرح كلامه فقال: ولعل هذا هو المعتبر عند الشيخ، ولذلك عقبه بتقسيمها بحسب الإعراب كأنه قصد بذلك إظهار علة البناء فقال: (ولفظ ما جر كلفظ ما نصب)، أي: الصالح للجر من الضمائر المتصلة (هو الصالح للنصب لا غير. وأما الرفع فلا يصلح ل منها إلا "نا" خاصة، ولذلك أفردها) بهذا الحكم كما يجئ بحول الله.

قال: ولما بين أن الواقع من الضمائر المتصلة في الإعراب كله هو "نا" علم أن ما عداها من المتصل المنصوب لا يتعدى النصب إلا إلى الجر كياء المتكلم، وكاف المخاطب، وهاء النائب، هذا ما قال على نقل بعضه بالمعنى، وهو بعيد الاعتبار في كلام الشيخ من وجهين: -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015