البناء فكسرت اطرادًا لبناء فيها، فلم يصح فيها كلية، وكذلك باب أسماء الأفعال حيث وجد فيها، دونك ونحوه معربًا على رأي الأكثرين، فقد تبينت حكمة (كل) و (يجب) في كلامه، إذ لم يوجد مضمر معرب البتة لا جوازًا ولا وجوبًا بخلاف أكثر أنواع المبينات، وهذا منه حسن من التنبيه، فتنبه له. وقد تقدم أن البناء في الأسماء ل سبب فلننظر في سبب بناء المضمرات/ وتعيين السبب المختص بها مما ذكر، أو مما لم يذكر فنقول: يحتمل أن يكون سبب البناء فيها شبه الحرف الوضعي؛ لأن منها ما وضع وضع الحرف في الأصل على حرف واحد كالتاء في ضربت وضربت وضربت، والنون في ضربن، والياء في غلامي واضربي، والألف في ضربا ويضربان، والواو في ضربوا ويضربون. أو على حرفين ثانيهما حرف لين، نحو: هو وهي وها في ضربها، و "نا" في ضربنا، ثم حمل عليا سائر الضمائر لتجرى كلها مجرى واحدًا، كما حملوا أعد وتعد ونعد على يعد في الإعلال، وكما حملوا يكرم وتكرم ونكرم على أكرم في حذف الهمزة، وكما حملوا فعال في المصادر كيسار وفجار على فعال في الأمر، ليجرى كل في باب مجرى واحدًا، فإذا يكفى أن ترد في بنائها إلى شبه الحرف الوضعي الذي ذكره الناظم قبل، ويحتمل أن يكون سبب بنائها وضعها في الأصل على الافتقار إلى ما يفسرها كما أن الحرف كذلك، لأن ذا الحضور منها مفتقر إلى معنى الحضور كأنا ونحن في التكلم، وأنت وأنتم في الخطاب، وذا الغيبة مفتقر إلى محال علي في لذكر أو في العلم، وهذه العلة أتم من الأولى، لا طرادها ووجودها في الضمائر كلها، من غير حمل لبعضها على بعض، فهي بهذا الاعتبار ترجع إلى شبه الحرف الافتقارى الذي ذكره أيضا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015