* جَادَتْ بِكَفي من أَرْمَى الْبَشَرْ *
أي بكفَّىْ رجلٍ كان من أرمى البشر.
فإن قلت: من أين يُفهم هذا الشرط من كلام الناظم؟
فالجواب أن مثل هذا الشرط معلومٌ من قُوَّة العربية، لأن اللفظ لابد يُعطى حقَّه بعد الحذف. ألاَ تراهم حين فَرَّغوا العاملَ لما بعد (إلاَّ) جعلوا ما بعد (إلاَّ) هو الفاعلَ أو المفعولَ أو غير ذلك، على حسب طلب العامل، ونحن نعلم أن الفاعل في المعنى إنما هو المحذوف.
وكذلك لما حذفوا ((الكائنَ، والمستِقرَّ)) مع الظرف والمجرور جعلوهما قائمين مقامه، متحملِّين لضميره، فكذلك هنا.
فالمنعوتُ لابد أن يكون مبتدأ أو خبراً أو فاعلاً أو مفعولاً أو مجروراً، أو ما يتفرع عن هذه الأشياء. فإذا حُذف فنعتهُ قائمٌ مَقامه، فلابد أن يصلح لمباشرة العوامل، حتى يكون فاعلاً أو مفعولاً أو مبتدأ، أو نحو ذلك.
فإذا لم يصلح لوقوعه في هذه المواضع لم يَقُم مقامه، فإذاً الجملة والظرف والمجرور إذا وقعت نعوتاً لا تقوم مقام المنعوت، فلا يُحذف معها.
فقد يمكن أن يكون تَرَك ذكَر هذا الشرط اتَّكالاً على فهم معناه.
ويمكن وجهٌ آخر أُبْيَن من هذا، وهو أن يكون هذا الشرط مأخوذاً من شرطه المنصوص عليه، وذلك أن الظرف لا يدل على المنعوت أصلا لو قلت: رأيتُ مكانَك، أو رأيتُ في الدار، تريد: رجلاً مكانَك، ورجلاً في الدار- لم يكن ثَمَّ دليلٌ على المنعوت، ولم يُعْقل.