ذلك راجع إلى كونه يطلبه طلباً معنوياً، ولو كان الأمر كذلك لم يجز اعتبارُ المعنى في العطف وغيره من التوابع، بل تقول: مررتُ بزيدٍ وعَمْراً، وهذا ضاربُ زيدٍ وعمراً. وتقول: هل تُكْرِمُنِي فَأْكْرِمْكَ وأُحْسِنْ إليك، بالجزم. وأعجبني ضَرْبُ زيدٍ العاقلُ عَمْراً، وما كان مثله، مِمَّا لا ينحصر من المسائل الجائزة على الحمل على المعنى والمرادِف.

وإذا كان المعنى معتَبراً في عمل اللفظ فإذا اجتمع اللفظان على معنى واحد فكأنهما لفظ دالٌ على معناه، فلا مَحذور.

واعتبارُ المعنى في عمل اللفظ أشهرُ في كلام العرب من أن يُذكر.

وأمّا أن يتحدا في اللفظ والمعنى معاً فلا يخلو أن يتحدا معنىً بحيث يُعَبَّر بأحدهما عن الآخر أَوْلاَ، فإن اتَّحدا كذلك فقد ذَكر السِّيرافي اتفاقَ البصريين على جواز الإتباع فيه (?)، وما تقدَّم عن ابن السراج في المسألة فوق هذا يقتضي المنع من باب الأَوْلَى.

وقد ذكر ابن خروف الخلافَ عن المبرِّد. وقد ذكر بعض المتأخرين المنعَ عن ابن السراج نَصاً، ووجه ذلك عنده ما تقدم من إعمال عاملين في معمول واحد.

والأصح ما ذهب إليه الناظم والجمهور، لما تقدم من اعتبار المعنى في العامل. والعاملان هنا في معنى عامل واحد، ولا اعتبار باللفظ فيه.

وإن لم يَتَّحدا كذلك فلا يخلو أن يتحد العاملان في الجنس أَوْلاَ، فإن اتحدا في الجنس بحيث يكونان فعلين أو اسمين أو حرفين، فإمَّا أن يتفقان في معنى عاملٍ ثالث يعبَّر به عنهما أَولاَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015