على الأول وذلك أنه أراد أن يبين أن الضمير المتصل لا يستغني عن مباشرة الفعل من آخره لفظًا وتحصيلًا حتى يصير كالجزء منه فلا يقع مبدوءا به الكلام ولا بعد الفعل مفصولا منه، فلأجل هذا لم يكتف بالتعريف الأول.
ثم أتى بأمثلة أربعة وهي: الياء في (ابني) والكاف في (أكرمك) والياء والهاء في (سليه) فالياء في (ابني) دالة على المتكلم المنفرد والكاف في "أكرمك" دالة على الواحد المخاطب، وكلاهما داخل تحت قسم ذي الحضور أيضًا، والهاء منه دالة على الواحد الغائب، وإنما أتى بأمثلة متعددة، وكان يكفيه الإتيان ببعضها لينبه على فوائد محتاجٍ إلى ذكرها:
إحداها: بيان أن الضمائر على ثلاثة أقسام:
قسم للمتكلم: هو المنبه عليه بابني.
وقسم للخاطب: وهو المشار إليه "بأكرمك" وياء سليه.
وقسم للغائب: وهو الذي دل عليه بهاء "سليه"، فمثل هذا لابد منه؛ لأنه قال أولا: (فمالذي غيبة أو حضور) فأشعر بقسمين فلو سكت بعد ذلك لأوهم أن ليس ثم قسم ثالث، فبين بالمثال هنا ما أراده.
والثانية: الإشارة إلى أن الضمائر تنقسم أيضا باعتبار آخر ثلاثة أقسام فمنها ضمير رفع كالياء من (سليه) وضمير نصب كالكاف من (أكرمك) والهاء من (سليه) وضمير جر كالياء من (ابني).
والثالثة: خاصة بياء (سليه) وهي الإشعار بأنها عنده من قبيل الضمائر حقيقة كالياء في (ابني) باتفاق، لا من قبيل العلامات الدالة