وكلامه لم يتضمن أنه قياس، بل فيه إشعارٌ بعدمه، نعم نَبَّه على وجه السماع فيه، فالضمير في ((نَعَتُوا)) للعرب. وأحال في ذلك على نظر الناظر المستقرِئ لكلام العرب، فإنه محلُّ نظر، فقد يُجعل قياساً لكثرته، وقد يُجعل سماعاً لضعف قياسه.

والمسألة مختَلف فيها، فظاهر النقل عن الجمهور أن ذلك سماع يُقصر على مَحَلِّه. وقال ابن دَرَسْتَوَيْهِ (?): ليس من المصادر شيء إلا ووَضْعُه موضعَ الصفات جائزٌ مُطَّرِد، مُنْقَاس غيرُ مْنكَسِر.

ووجه ما قاله الجمهور أن المصدر اسم جنس جامد غير مشتق، ولا معناه معنى المشتق، فلم يصح من جهة معناه أن يكون نعتاً، كما لم يصح في اسم الجنس أن يُنعت به، فكما لا يقال: عجبتُ من تَمْرٍ رُطَبٍ، ومررتُ بشخصٍ رجلٍ، على النعت، كذلك ألا يقال: مررتُ برجلٍ عَدْلٍ، أو صَوْمٍ، أو فِطْرٍ.

لكنَّ العربَ أتت من ذلك بأشياء على اعتبار/ المبالغة في الوصف مجازاً (فقالت: ... 598 جاءني رجلً عَدْلً، تريد عادلاً، إلا أنها جعلته نفسَ العَدْل مجازا (?)).

والمصدرُ، من حيث هو مصدرٌ، لا يُثنى ولا يُجمع ولا يُؤنث، فأجرَوْه على أصله، لأنهم على المجاز وصفوا به فقالوا: هذا رجلٌ عَدْلٌ، وامرأةٌ عَدْلٌ، ورجلان عَدْلٌ، وامرأتان عَدْلٌ، ورجالٌ عَدْلٌ، ونساءٌ عَدْلٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015