بضابط يعرف به المتصل من غيره، فذكر أن المتصل يتعرف بأمرين:
أحدهما: أنه (ما لا يبتدا) يعني أنه لا يقع في أول الكلام كالياء في ابني، والكاف في أكرمك وسائر ما مثل به، فإن هذه الضمائر وما كان مثلها لا يبتدأ بها في الكلام البتة بخلاف المنفصل منها، فإنه يقع في أول الكلام نحو: {إياك نعبد وإياك نستعين} ونحو: أنت القائم، وهو الضارب، والضمير في (منه) عائد على الضمير المتقدم الذكر في تعريفه به وهو اسم جنس شامل.
والثاني: أنه ما لا يلي أداة الاستثناء وهي "إلا" في الاختيار أبدًا، أي: لا يقع بعدها مفصولًا بها بينه وبين عامله كالأمثلة التي ذكرها، فلا تقول: إلاي ولا إلاك ولا إلاه اختيارا من غير ضرورة، وهذا بخلاف الضمير المنفصل، فإنه يقع اختيارًا بعد "إلا" فتقول: ما أتاني إلا أنت، وما ضربت إلا إياك. قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} وهو في هذه المواضع عوض من المتصل، إذ لم يتأت الإتيان بإلا مع الاتصال، إذ هي الفاصلة بينه وبين ما اتصل به، ولا يصح بقاؤه على لفظ المتصل مع الانفصال؛ لأنه نقض للغرض فيه لافتقاره إلى ما يتصل به، فعوضوا منه المنفصل الموضوع على الاستقلال، ولذلك كان عندهم بمنزلة الظاهر، بخلاف المنفصل فإنك تقول: ما ضربت إلا إياك، كما تقول: ما ضربت إلا زيدًا، وتقدمه فتقول: إياك ضربت، كما تقول: زيدًا ضربت، وقد أشعر قوله: (اختيارًا) أن الضمير المتصل قد يلي"إلا" لكن في الاضطرار