وتخصيص هذا المثال مُشْعِر بقَصْدٍ صِنَاعي يَقصده أهلُ الحِذْق، وذلك أنه أتى بالنعت والمنعوت مخفوضين، ولم يأت بهما منصوبين ولا مرفوعين، لأن ذلك هو المُعَيِّنُ للمثال في النعت، إذ كان الإتيان بهما منصوبين أو مرفوعين غيرَ مُعَيِّن لذلك، إذ يمكن في النصب أن يكون النعت على إضمار فعل فلا يتعين كونُه نعتا، وفي الرفع يمكن أن يكون خبرَ مبتدأ، فلا يتعيَّن كذلك.
وأما الجرُّ فلا يمكن فيه إلا الجَريانُ والتَّبَعِيَّةُ خاصة.
وأصل هذا النحو لسيبويه، لأنه لما بَوَّبَ على الجر أتبعه بأبواب التوابع، ولم يذكرها مع المرفوعات ولا المنصوبات. وتَأَمَّلْ محافظتَه على ذلك في الشواهد على المسائل وفي المُثْل، وذلك مطردٌ في كلامه على جميع التوابع.
وإنما يأتي بمُثُل الرفع والنصب حيث يكون القطع على إضمار، فلعلَّ الناظم نَحَا هذا النَّحو في تَخصيص هذا المثال. والله أعلم.
ثم قال: ((وهُوَ لَدَى التَّوْحِيِد والتَّذْكِيرِ أَوْ سِوَاهُمَا كالْفِعْلِ)).
يعني أن النعت في باب التوحيد والتذكير، وغيرهما من التثنية والجمع/ والتأنيث حكمُه 588 أَلاَّ يجري على حُكْم ما لو كان في موضعه فِعْلٌ، فحيث صَحَّ إفرادُ الفعل أفُرد النعت، وحيث صح أن يُثنى الفعل لو وقع في موضعه ثُنِّىَ النعت، وحيث صَحَّ جمعه أو تأنيثه فكذلك.
فإن كان حقيقياً ثُنِّىَ وجُمع وأُنِّث لأن الفعل كذلك يكون، إذ هو رافعٌ لضمير الأول، وإن كان سببياً لم يَطَّرد فيه بإطلاق، لأن النعت