فإن جاء مُوهِمُ خلافَ ذلك أُوِّل، كقولهم: ما يَحْسُنُ بالرجلِ خيرٍ منك أَنْ يفعلَ، إذ الرجلُ في معنى النكرة وإن تَحَلَّى بالألف واللام، ولذلك يُنعت بالجملة كما سَيُنَبِّه عليه.
وإنما لم تُنعت النكرةُ بالمعرفة، ولا المعرفةُ بالنكرة من جهة أن النعت والمنعوت في المعنى كالشِيء الواحد، والشِيء الواحد لا يكون معرفةً نكرةً في حال.
وإلى هذا المعنى أشار سيبويه بقوله: زيدٌ الأحمرُ عند من لا يعرفه كزيدٍ عند من يعرفه (?). يريد: أن زيداً الأحمرَ عند من لا يعرفه وحده بمنزلة زيد وحده عند من يعرفه. وهذا ظاهر.
وقال الفارسيُّ: إنما لم تُنعت المعرفة بالنكرة، ولا النكرة بالمعرفة، من حيث لم يُنعت الواحدُ بالجمع، ولا الجمعُ بالواحد، لأن النكرة تشبه الجمعَ من حيث الشِّيَاع، والمعرفة تشبه الواحد من حيث الاختصاص (?). وعَلَّل بعضهم ذلك بأن المعرفة إنما تُنعت بالنكرة لأن نعت المعرفة إنَّما وَضْعُه لرفع الاشتراك العارض فيها، والنكرةُ لا تَرفع الاشتراك عن نفسها، فكيف ترفعه عن غيرها!
ولم يكن العكسُ، لأن حق المعرفة التقدُّمُ على النكرة، وحَقَّ النعت التأخُّرُ عن المنعوت، فهما متدافعان.
ثم أتى بمثال لهذه المسألة، وهو قوله: امْرُرْ بقومٍ كُرَمَا.