وليس كذلك.
والجواب عن الأول أن مراده بالوَسْم- كما تقدَّم- المصدرُ، أي بأن تَسِم الاسَم الأولَ وأنت إذا أجريت الاسم الجامد على الأول إنَّما أتيتَ باسمٍ آخر أوضح، لا أَنَّك وسمتَ الأولَ بما يُعرف به، فلم يَصْدُق من هذا الوجه على عطف البيان أنه وسُم به الأولُ، وجُعل عليه علامة، وإنما يَصْدُق عليه أنك أتيتَ باسم آخر أعرفَ من الأول ليتضح معناه عند السامع، لا لقصدِ أن يتضح به الأول فافترقا.
والجواب عن الثاني من وجهين، أحدهما أن نعت البيان هو الأصل، وإنما وُضع لهذا القصد، أعني إيضاح الأول، إذ المدح أو الذم أو غيرهما أمرٌ ثانٍ عن معرفة ذلك. وإذا كان كذلك فغيرُ نعتِ البيان محمولٌ عليه، فيكون الناظم قد عرَّف بالنعت الأصيل، وتَرك ما عداه، لأنه فرع وتابع.
والثاني، وهو الأَوْلَى، أن ما عدا نعتَ البيان مثلُ نعت البيان في كَونْه مُتِماً ما سبق، لكن بحسب القصْد، وذلك أن القائل: مررتُ بزيدٍ الفاضلِ الكريم، أو القائل: مررتُ بزيدٍ الفاسقِ الخبيثِ، أو المسكينِ الفقيرِ أو نحو ذلك، إنَّما قصدُه التعريفُ بزيد، من حيث احتوى على خِلاَلٍ وأوصافٍ يُمدح بها أو يُذم.
فالاسم الأول قد تَضَمَّنها من حيث العَلَمِيةِ، لكن بقى تقريرُها على السامع حتى يعرفَ صاحبَها معرفةً أخرى أتمَّ من تلك المعرفة المتقدِّمة له، فإذاً المادحُ أو الذامُّ أو غيرهما قاصدٌ للتعريف بزيد تعريفاً لم يَتِم بحسب السامع قبل النعت، وإن كان يَعرف عينه. فلم تَخرج نعوتُ المدحِ والذم والترحُّم عن كونها تُتِمُّ ما سبق.
وأما نعت التوكيد ففيه أيضاً إتمامُ ما للأول. نَصَّ عليه أهل المعاني