منصوبٌ لا مجرور، وهو قد قَدَّم أولاً أنه ذو وجهين، ففي (ما أَفْعَلَهُ) هو منصوب، وفي (أَفْعِلْ بِه) مجرور، ولا يكون ههنا إلا منصوبا. ثم إنه أحال هذا على ما هناك، والإحالةُ عليه لا تُعَيِّن له نَصْباً من جَرٍّ، وإنما تَقتضي الوجهين، وهو غير صحيح.

وأيضاً فإن المنصوب هنالك عوضٌ من المتعجَّب منه، فنصبُه نصبُ المفعول بـ (أَفْعَلَ) كما كان المتعجَّب منه كذلك، وههنا ليس كذلك، بل له وجه آخر من النصب، وهو النصب على التمييز، فهذا الموضع لم يبيِّن حكمَه، وكان من حقه ذلك.

فالجواب أنه لم يُحِلْ على ((باب التعجب)) إلا في بناء (أَفْعَلُ) لا في نصب ما بَعْده ولا رفعِه ولا حرَّه، فما ذُكر هناك من حكم المصدر مختص بذلك الباب.

وإنما يُؤخذ له حكمُ هذا المصدرِ أو الاسم من باب التمييز، حيث قال هنالك:

والفَاعِلَ الْمَعْنَى انْصِبَنْ بأَفْعَلاَ

مُفَضَّلاً كَأَنْتَ أَعْلَى مَنْزِلاَ

فإن قولك: هذا أكثرُ إبلاً، وأشدُّ اسِتكباراً، وأشدُّ عَمىً، وما أشبه ذلك- داخل هنا، فينَتصب على التمييز من غير أشكال. وهذا ظاهر، والله أعلم.

وأَفْعَلَ التَّفْضِيل صِلْهُ أَبَدَا

تَقْدِيراً أوْ لَفْظاً بمِنْ إنْ جُرِّدَا

وإنْ لِمَنْكُورٍ يُضَفْ أوْ جُرِّدَا

أُلْزِمَ تَذْكيراً وأَنْ يُوحَّدَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015