ويلزم أيضاً وَصْلُ المعمول بفعله، فلا يُفصل بينهما بفاصل سوى ما يَسْتَثنى. هذا عَقْد ما قاله.

فأما التقديم والتأخير فتقول: ما أَحْسَنَ زيداً قائماً، وأَحْسَنَ بزيد راكباً، فلا تقول: ما أَحْسَنَ راكباً زيداً، ولا أحْسِنْ راكباً بزيدٍ، ولا زيداً ما أَحْسَنَ، ولا بزيدٍ أَحْسِنَ، ولا ما زيداً أَحْسَنَ.

وكذلك لا تقول في قولك: (ما أَنْفَع مُعْطِيكَ عند الحاجة): ما أَنْفَع عندَ الحاجةِ مُعْطِيَكَ، ولا في قولك: (ما أَكْرَمَ مُعْطِيكَ ثَوْباً): ما أَكْرَمَ ثوباً مُعْطِيكَ.

فالحاصل أن الصورة التي ذكر أول الباب ملتَزمة، لا تتخلَّف إلا في موضع واحد، وهو الفَصْل بين الفعل ومعموله بالظرف والمجرور على خلافٍ فيه كما سيَذكره، وذلك أن العرب التَزمت في فِعْلَيِ التعجُّب وعدمَ التصُّرف، ولذلك لا يدُلاَّن على زمان/ كعَسَة ولَيْس، ونِعْم وبِئْس، ولا يأتي منهما مضارعٌ ولا أمر. وإذا لم يتصرَّفا في أنفسيهما لم يتصرَّفا في معمولاتهما بتقديم ولا تأخير.

وأيضاً لَمَّا جَرَيا مَجرى الأمثال كما تقدم صار التقديم والتأخير والفَصْلُ مُخْرِجا لهما عما قَصَدت بهما العرب، فلذلك قال سيبويه: ولا يجوز أن تقدم (عبَط الله) وتؤخِّر (ما) يعني في قولك: ما أَحْسَنَ عبدَ اللهِ، ولا تُزيل شيئاً عن موضعه، ولا تقول فيه: ما يُحْسِنُ، ولا شيئاً مما يكون في الأفعال سوى هذا (?).

فإذا كان هكذا فاللازم فيهما صيغةٌ واحدة.

وقد حَكى المؤلف الإجماعَ على منع الفصل بغير الظرف والمجرور، قال في ((الشرح)) (?): وكذا لا خلاف في منع إيلائهما ما يتعلَّق بهما من غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015