ومن ذلك جميعُ ما ذُكر في الأسئلة على النَّاظم فيما بُنِي من (أَفْعَلَ) ومن (فِعُل) (?) ونحو ذلك، فقد سبق منه أمثلةٌ كثيرة، وجميعها نادر في موضعه، يُحفظ حفظا، ولا يُقاس عليه حَسْبَما ارتضاه في هذا النَّظْم.

فإن قيل: ظاهر قوله: ((ولا تَقِسْ على الَّذِي مِنْهُ أُثِرْ)) أَنَّه حَشْوٌ لا فائدة فيه، إذ كان صَدْر هذين المُزْدَوَجَيْن يَقضي بذلك، وهو قوله: ((وبالنُّدوُر احْكُمْ لَغْيرِ ما ذُكِرْ)) فإنه إذا كان نادرا كان غير مَقيس فلم يُفد شيئا زائدا على ما تقدم، بل نقول: إن مجموع الشَّطْرَيْن حَشْو، لأن جميع ما تقدم ذكرهُ قياس، فلو تَرك التنبيهَ على ما عده لَفُهِمَ أنه غير مَقِيس بحكم مفهوم الشروط المذكورة، وذلك عَيْنُ ما ذكُر هنا، فهذان سؤلان، أحدهما: ما فائدة ذكر الشَّطرين؟ والثاني على تسليم أنه أَفَادَ بالشَطر الأول ما فائدة الثاني؟

فالجواب عن الأول أنك إذا تأملَّتَ ما تقدم في الشروط وجدتَ ما خرج منها على قسمين، منه ما قيل بأنه قياس، وذلك كما في البناء من (أَفْعَلَ) ومن فِعْل المفعول، فإن النحويِّين قد اعتَبروا السَّماع في ذلك، وكَثُر عندهم كثرةً يُقاس عليها، وقد اعتَبرها هو في ((التَّسْهيل)) (?). ومنه ما ليس بقياس اتفاقا، وذلك: ما أَعْسَاهُ، وأَعْسِ به، ونحو ذلك. فلو سكت عن التَّنبيه على النُّدور لَتَوهَّم الناظر فيه أنه إخلال، فأَشْعَر هنا أنَّ تَرْك ما تُرِك ليس بمَغْفُولٍ عنه، بل هو مُغْفَلٌ عَمْداً، غيرُ معتَبر في القياس قَصْداً.

وعن الثاني أن الشطر الأول أخبر عن حقيقة الأمر في ذلك المسموع المنبَّه عليه، وأنه نادر قليل، لا كثيرٌ كما يزعمه مَن ادَّعى القياسَ في تلك المسائل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015