البحث الشديد، والاستقراء التام.
وحينئذ يُحمل على أنهما في الأصل لغتان اخْتلطتا، فيَرجْع إلى أنهما لغتان. وإذا كانتا لغتًيْن لم يَنْبَغِ أن تُعتبر إحداهما بالأخرى، وإنَّما كان يَسْهُل ذلك لو ثبت أنهما في الأصل من لغة واحدة. وهذا كله لا يَثْبت فلا يصحّ ما يُبْنى عليه.
وأمّا تفرقة ابن عُصفور (?) فقال في ((الشَّرح)) (?): إنه تحكُّم بغير دليل، مع أن سيبويه قد مَثَّل في الجواز بـ (أَعْطَى) وهو منقول عن: عَطَا الشيءَ، بمعنى (تَنَاوَله وهذا الردُّ بناءً على إجازة للتعجُّب من (أَفْعَلَ) والذي يَرِدُ عليه على مذهبه/ هنا أن هذه التفرقة لم يَقُل بها أحد، ولا ذهب ... 526 إليه نحويٌّ، ويكفيه في الردِّ مخالفتُه للإجماع، بناءً على أن إحداث قول ثالث خَرْقٌ للإجماع.
وأيضاً فإن (أَفْعَلَ) ضربان، ضَرْبٌ لم يُستعمل منه المجرَّد نحو: أَلْفَى، وأَذْعَنَ، وأَفْلَسَ، وضَرْبٌ استُعمل منه، وهو قسمان:
قسم استُعمل منه فعلُ المجرَّد على معنى (أَفْعَلَ) كأَجَرَهُ اللهُ وآجَرَهُ، وهَدَرْتُ الدمَ وأهدرتُه.
وقسم استُعمل منه فعل على غير معنى (أَفْعَلَ) وهو نوعان: ما (فَعَلَ) منه بمنزلة المطاوِع، وهو الذي همزتُه للتَّعدية، كذَهَب وأَذْهَبْتُه، وقام وأقمتُه. وما ليس كذلك، وهو أيضاً ضربا، ضَرُبٌ يكون (فَعَلَ) فيه لمعنى مخالفِ من كلِّ وجه لمعنى (أَفْعَلَ) نحو: سَرَرْتُ الرجلَ، فَرَّحْتُه، وأَسْرَرْتُ