وإذا تقرَّر هذا كلُّه سَهُل الأمر في فاعلِ أَفْعِلْ) وأنه مضمر، وفي المجرورِ وأنه في موضع نصب، وأن الباء غير زائدة، وهو/ ظاهر. ... 517
وأما الاعتراض الأخير فإن جميع ما ذُكر فيه قد أشعر به المثالان، وهما ((مَا أَوْفَى خَلِيلَيْنَا، وأَصْدِقْ بِهَمِا)) ففيهما ما يعيِّن المتعجَّب منه، وأنه ما بَعْدَ الأفعال، وأن المتعجَّب من أجله هو مدلول الفعل، وها هو يَذكر على أَثَر هذا: مِمَّ يُبْنَيَان؟ فَيتَبَيَّن بعضُ كلامه ببعض. وبالله التَّوفيق.
ويمكن أن يكون المقال أيضاً أشعر بمعنىً آخر، وهو كَوْن المتعجَّب منه مختصاً، إمَّا معرفةً نحو ما مَثَّل به، وإمَّا ما يَجري من النكرات مجراه نحو: ما أَسْعَدَ رَجُلاً اتَّقَى اللهَ.
فلو كان غير مختَصٍّ لم يُتَعجَّب منه، ولا يقال: ما أَحْسَنَ رجلاً من النَّاسِ، ولا: ما أَسْعَدَ غُلاماً.
وهو نظير النُّدْبة، لا يُنْدَب من لا يُعرف، وإنما يُندب مَن اشتَهر باسم أو فَعال، كما سيأتي إن شاء الله.
ويمكن أَنْ لم يَقصد هذا، ولكنه اتَّكَل على معنىً آخر، وهو حصول الفائدة، إذ قال في أول النظم: ((كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ (?))) فإذا كان التعجُّب مفيدا، وذلك بكون المتعجَّب منه مختصاً- صَحَّ، وإلاَّ فَلاَ.
ونُصب قوله: ((تِلْوَ أَفْعَلَ)) على الحال من الهاء في ((انْصِبَنَّهُ)) والإضافة لفظية، أي انْصِبْه حالهة كونه تالياً لـ (أَفْعَلَ).
و((تَعَجُّباً)) نُصب على الحال أيضاً، وهو مصدر، لكن على معنى ((مُتَعَجِّباً)) أو ((ذَا تَعَجُّبٍ)).