المثَل يَلزم لفظاً واحداً، وإن تَغَيَّر بعضَ التَّغيير فذلك مُغْتَفر، نحو (حَبَّذَا) فيُجَاز أن يَخْتم الجملةَ بما للناطق فيه غَرضَ. و (أَفِعْلْ) لا تلزم لفظاً واحداً، فليس بَمَثلٍ ولا جارٍ مَجراه، وهذا غير لازم، لأنه في معنى (مَا أَفْعَلَه) فكأنه مُسْنَد إلى غير فاعلة حقيقةً، فهو كلام مُخْرَج عن حَدِّه.
وأيضاً كما جاز في (حَبَّذَا) تغييرُ باقي الجملة من حيث تعلَّق بها غرضٌ جاز تبديُل المادَّة مع بقاء الوَزْن المخصوص، من حيث تعلَّق بذلك غرض، وهو بيان ما كان التعجُّب من أجله، فمثال (أَفْعِلْ) هنا نظيرُ لفظ (حَبَّذَا) هنالك.
والثالث: لو كان كذلك لم يَجُز أن يَلي (أَفِعْلْ) ضميرُ المخاطَب، نحو: أَحْسِنْ بِكَ، لأن في ذلك إعمالَ فعلٍ واحد في ضميريْ فاعلٍ ومفعول لمسمى واحد.
والجواب أن هذا رأي ابن عُصْفور، إذ هو يُجري المتَعدَّي إليه بالحرف مُجرى المتَعَدَّى إليه بغير حرف. وقد تقدَّم بطلان ذلك. وفي القرآن المجيد: {واضْمُمْ إلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ (?)}.
والرابع: أنه كان يجب إعلالُه إذا كانت عينه ياء أو واوا/ كما وجب ذلك لـ (أَبِنْ، وأَقِمْ) ولم يَجُز: أَبْيِنْ بِه، ولا أَقْوِمْ بِه، كما لا تأمر كذلك، فَلمَّا لم يكن كذلك لم يصحَّ أن يكون أمرا، وهذا مُشْتَرَك الإلزام في (ما أَفْعَلَهُ) إذ هو عنده فِعْلٌ ماض، والماضي يجب فيه: أَقَامَ، وأَبَانَ، فكان يمتنع فيه: ما أَقْوَمَهُ، وأَبْيَنه، كما يَمتنع في الماضي.
فالجواب عن هذا هو جوابُنا، وإلاَّ فلا يصح اعتراضُه فلا يَفتقر إلى الجواب.