وَجْهِ ما دَخَله من معنى التعجُّب، حتى صار هو المعنى الغالب على الصِّيغة، فهو في لفظه، محكومٌ له بحكم فِعل الأمر في كون فاعله ضميراً مُتَّصلا، وما بعده يطلبه طلب الفَضْلة، والتُزم في الضمير الإفرادُ والَّتذكير، لجريانه عندهم مَجرى الأمثال (?)، وليكون مُوازِناً لصاحبه، وهو (أَفْعَلَ) إذ فاعلُه ضميرٌ مستتر أبداً، وإن كان سبب الاستتار فيهما مختلفاً.
ولا يقال: إن كَوْنَ الأمر مفيداً لمعنى التعجَّب دَعْوَى لا دليل عليها، لأنا نقول: إذا كان الأمر يُفيد معنى الخبر، والخبر يُفيد معنى الأمر نحو {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَداً (?)} ونحو- {والمُطَلَّقاتُ يتَربَّصْنَ بأنْفُسِهنَّ ثَلاثَةَ قُروُءٍ (?)} والأمر والخبر ضِدَّان من جهة احتمال الخبر الصدقَ والكذبَ، وامتناع ذلك في الأمر- كان الأمرُ- بإفادة معنى التعجُّب، وهما غيرُ ضِدَّيْن، لاجتماعها في عدم احتمال الصدق والكذب- أحقَّ وأولى.
وقد زعم المؤلف في ((الشرح)) أن الأمر يستفاد من الاستفهام نحو {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (?)} فكذلك يكون الحكم هنا قياساً لو لم يكن ثَمَّ سَماعٌ دَالٌّ، فكيف وقد قالوا (?):
*يَا سَيِّداً ما أَنْتَ مِنْ سَيِّدٍ *