وهذا غير صحيح، فإن المبنىَّ لتضُّمن معنى الحرف إنَّما هو القائمُ مقامَه، أداةٌ مثلُه، وذلك (ما) لا غيرُها. وأمَّا التَّفرقة بين المعاني فلا يُزيل الإعرابَ عن وَجهه.

وأيضاً فهو مبنىٌّ على أن (أفْعَلَ) أصُله الرَّفع، وهو مضاف إلى ما بعده، ولو كان كذلك لم يَحْسن الفصلُ بينهما، فلا يقال: (ما أحسنَ بالرجل أن يَصْدُق) في فصيح الكلام؛ لأنه في تقدير: (ما أحسنُ) (?) بالرجل الصِّدْقِ. والفصل بين المضاف والمضاف إليه لا يجوز إلا في الشَّعر، أو في نادر لا يُعْتَدُّ بالقياس فيه (?). وهذا ليس كذلك، فَدلَّ على أنه ليس منه، فما زَعَموه دَعْوى، وأَقْوَى احتجاجاتهم تصغيرُه قياساً، وتصحيحُه كذلك، فإنك تقول: ما أَقْوَمَه، وما أَبْيَن معنى كذا، وهذا لا يكون إلا في الأسماء. وأما الأفعال فيجب فيها الإعلال حسبما يأتي في التصريف (?).

وأيضاً فإنهم يقولون: ما أُحَيْسِنَ زيداً، ومَا أُمَيْلِحَ عَمْراً، وأنشدوا (?):

يَامَا أُمَيْلِح غْزِلاَناً شَدَنَّ لَنَا

مِنْ هَؤُلِيَّاًئِكُنَّ الضَّالِ والَّسمُرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015