بديلاً عن (فاعل) فكان مضطراً إلى إخراجه.
فإن قيل: لِمَ أَتى بهذا كُلِّه، وكان أخصرَ أن يقول كما قال غيره: إن أمثلة المبالغة تعمل عملَ اسم الفاعل؟
قيل: فائدته أمران:
أحدهما: ما تقدم من إخراجه تلك الأمثلة التي على معنى النَّسَب أو التعجُّب، فإنها للمبالغة والكَثْرة، لكنها لا تقتضي كثرة فعلٍ عِلاَجي.
والثاني: أن هذه المقدمة عِلَّةٌ واعتذار لعمل هذه الأمثلة عملَ الفعل، وهي غير جاريةٍ على الفعل، ولا تامَّةِ الشَّبَه به، إذ لم تُشْبهه إلا في المعنى خاصة، والشَّبَه المعتبرَ عند الجمهور إنما هو اجتماع الشَّبَهين، المعنوي واللفظي، ولذلك لم يعمل اسم الفاعل بمعنى الماضي.
فكأن القائل يقول: كيف أُعْمِلتْ هذه الأمثلة، وليست شبيهةً بالمضارع، ولا جاريةً عليه جريانَ اسم الفاعل، فاعتذر عن هذا بأن هذه الأمثلة موضوعةٌ في موضع اسم الفاعل التامِّ الشَّبَهِ، فكأنها إنما تعمل بالنيابة.
فلأجل هذا القَصْد أَتى بالفاء المقتَضِية للعِلَّة، في قوله: ((فيَسْتَحِقُّ مَالَهُ من عَمَلٍ)) أي إنه بدلٌ منه، فيعمل لذلك عملَه، وهو ظاهر.
وقسم الناظم هذه الأمثلة قسمين:
أحدهما: ما يعمل كثيرا، فهو مما يَكْثُر استعمالُه، وذلك (فَعَّالٌ، ومِفْعَالٌ، وفَعُولٌ).
والثاني: ما يعمل بقلّة، وهو (فَعِيلٌ، وفَعِلٌ).
ودَلَّ على ذلك قوله: ((وفي فَعِيلٍ قَلَّ ذا وفَعِلِ)) فقَيَّد هذين بالقلة، وأطلق القول فيما تقدم، فدل على أنها في باب الإعمال كثيرة الاستعمال.