وما قاله قد يُشعر به كلامُ سيبويه، ولكنه لا ينهض عُذْراً لما قال، إذ قد تقدَّم أن عملَه ليس بالشَّبَه، إذ لا شَبَه له بالفعل إذْ ذاك إلا من جهة المعنى، ولو كان الشبهُ المعنويُّ كافياً لكَفى في إعماله بمعنى الماضي مجرَّداً عن الألف واللام، فكنت تقول: هذا ضاربٌ زيداً أمسِ، وهو رأي الكسائي.
فَلمَّا لم يكن كذلك دَلَّ على أن الشبَه غيرُ معتبرٍ هنا، وأنه إنما عمل بالنِّيَابة. وإذا ثبت ذلك، وكان إعمال النائب إعمالاً صحيحا، كضَرْباً زيداً، وما أشبه ذلك- فالواجب هنا كذلك، فالأظهر ما نَصَّ عليه الناظم.
وقوله: ((فَفِي المُضِي)) يَحتمل أن يتعلق باسم فاعل حال من ضمير ((ارْتُضِى)) أي إعمالُه قد ارْتُضِى كائناً في المضي، وهو على حذف المضاف، تقديره: في ذي المُضِي، أو بفعلٍ مضمر يفسره الصدر الذي هو ((إعمالُه)) والتقدير: فيعمل في المضي إعمالُه فيه قد ارْتُضى.
فَعَّالٌ اوْ مشفْعَالٌ اوْ فَعُولُ
في كَثْرةٍ عن فاعلٍ بَدِيلُ
فَيَسْتَحِقُّ مَالَهُ من عَمَلِ
وفي فَعِيلٍ قَلَّ ذَا وفَعِلِ
هذا فصل ((أمثلة المبالغة)) وحكمها.
وهي خمسة، ابتدأ الكلام على ثلاثةٍ منها، وهي (فَعَّال، ومِفْعال، وفَعُول) لكونها في كثرة الاستعمال هنا أدخلَ من الباقين.
ويعني أن هذه الأمثلة بدلٌ من اسم الفاعل، وعِوَضٌ منه من جهة المعنى، لكن حيث يُقصد الإخبارُ بالمبالغة في كثرة الفعل، فهي مُشْعِرة بكثرة وقوع