فالجواب أن مذهبه محتَمل، لا أقطعُ له على أحد الوجهين، ولعلهما معاً جائزان عنده، إلا أن الذي ختار ابنُ جني أن الأول هو الموافقُ لطريقة الملاطَفة والملاينة، وترِك العُنْف على اللفظ إلا تدريجا وَتأْنيساً، كما إذا قلت في (أجْرٍ) جمع (جَرْو) وأصله (أجْرُوٌ): إنهم قلبوا الضمة كسرةً أولا، لأنها أضعف، ثم تدَرَّجوا إلى قلب الواو ياءً لأجلها، فلم يقُدموا على الحرف الأقوى إلا بعد أن أَنَّسُوا بالإقدام على الحركة الضعيفة، ولو عكسوا لكان إقداماً على الأقوى من غير تدريج ولا تَأْنيس، فلم يكن موافقا للملاطفة. وعلى هذا يكون رأيه في مسألتنا البدءَ بقلب الضمة كسرة.
وقد نَصَّ على مثلها في كتاب ((الخصائص)) (?).
واعلم أني إنما تَتَبَعَّتُ هذا الموضع هنا، وكان اللائق به ((باب التَّصْريف)) لأن الناظم لم يتعرَّض للمسألة هنالك، وإنما ذكَر هناك قلبَ الواو ياء، وإدغامَ الياء في الياء، وتَرَك ذكرَ انقلاب الضمة مسرة، فأظنُّه إنما تَرك ذلك هنالك إحالةً على هذا الموضع. وسيأتي التَّنْبيه على ذلك إن شاء الله. فكان تَخْلِيصُ المسألةِ هنا بحسب ما أعطاه النَّظَرُ في كلامه أوْلَى.
ثم قال: ((وألفاً سَلِّمْ)) يعني أن الألف في آخر المعتلِّ بخلاف الياء والواو، فالحكم فيها أن تُبقيها على حالها دون إعلال أو قلب، كانت الألف للتَّثْنية أو لغيرها، ولا تَقْلِب ألف التَّثْنية هنا أصلا.
وأما ألف المقصور فعدمُ القلب وتركُها سالمةً هي اللغة المشهورة.
وجاء في المقصور خاصةً عن هذيل قلبُ الألف ياء وإدغامُها في الياء كالواو. وبَيَّن ذلك بقوله: ((وفي المقْصِورِ عَنْ هُذَيْلٍ ياء حَسنُ)) الضمير