والفضلات لدلالة المعنى على المحذوف، إلا ما استُثني من الفاعل ونحوه. وإذا كان كذلك فالمضاف من جملة ذلك فيجوزُ حذفه لاسيَّما وقد ناب عنه نائبٌ لفظي، فهو أقوى في جواز الحذفِ من المبتدأ والخبر، بل هو اشبهُ شيءٍ بالفاعل إذا حُذف ومقام المفعول مقامه، وهذا قياسه. وأما السماع فكثير جداً في الكلام والشعر بحيث لا يَسَع (?) في القياس عليه إنكار. وقد مرَّ من ذلك جملةٌ، وبَّوب عليه سيبويه، وأتى منه بجملةٍ صالحةٍ نثراً/ ونظما، وقال: ((هو أكثر من ... 398 أِن أُحِصَيه)).
فإن قيل: القياسُ عليه يلزمُ أمران:
أحدهما: مخالفةُ الأصلِ؛ إِذ حَذْفُ المضافِ ومعاملة المضاف إلي هـ معاملته مجازٌ، والأصل الحقيقةُ، فيلزم من القياس تكثيرُ مخالفة الأصلِ والحملُ على غير الحقيقة، وذلك غير سائغٍ. وأيضاً يلزم القياسُ في الأمور المجازيّة، وذلك ممنوع.
والثاني: أنه يلزم أن يقال: ضربتُ زيداً، وإنما ضربتُ غلامه أو ولده. ومثلُ هذا لا يجوز؛ إِذْ لا دليل عليه، ولا مُعرِّف به.
فالجواب: أن ذلك-وإن كان مجازاً- لا يمنعهُ كونُه مجازاً من قياسه واطراده؛ ألا ترى أنك قلمَّا تجدُ كلاماً إلا وقد دخله المجازُ؛ فأشهر الكلام في الاستعمال: ضربتُ زيداً، وهو مجازٌ من أوجه ذكرها ابن جني في الخصائص (?) وغيره. وكذلك: قام أخوك، وجاء الجيشُ، وما أشبه ذلك. ومع ذلك فإنه قياسٌ مطردٌ وطريق مَهْيَعٌ، فكذلك نحوُ: