فإن قيل: فَلِم نَسَبَ العملَ إلى لَدُنْ وهي لم تعمل في الحقيقة؟
قيل: بل هي العاملةُ لأنها شُبِّهت بالعشرين، والعشرون شُبَّه في عمله بالضاربين، والضاربون هو العامل في بابه، فكذلك ما تفرَّع عليه بالتشبيه، فإذا سمعتَ النصبَ عن تمام الاسم فمعناه أنّ الاسم هو الناصب، إلا أنهم عبَّروا بتلك العبارة إِشارةً إلى أنه لولا التمام لانجرَّ بالإضِافَةِ، كما أنَّ الضاربين زيداً لولاَ تمتمه بالنون لانجرَّ فقلت: ضاربو زيدٍ. فافهم هذا من اصطلاحهم، وأيضاً فلقوله: ((به)) فائدةٌ أخرى، وهو التنبيه على أن ((غدوة)) ليس منصوباً بإضمار فعلٍ، كما كان ((شولاً)) في قوله: ((من لَدُ شولاً)) منصوبا بإضمار فعلٍ. وهو تنبيه حسن أيضاً.
* * *
ومَعَ مَعْ فيها قليلٌ ونُقِلْ
فَتْحٌ، وكسرٌ لسكونٍ يَتَّصِلْ
هذا أيضاً من الظرف اللازمة للإضافة كغيره مما تقدَّم ذكرُه، نحو قولك: جئتُ مَعَك، وذهبتُ مَعَ زَيدٍ، وأتيتُ مَعَ الناسِ. ودلَّ على لزومه للإضافة من كلامه مساقُه له في جملة ما يلزمُ الإضافةَ.
فإن قلت: إنّ ((مع)) على وجهين، أحداهما هذه التي مَثّلت، والأخرى تأتي [غير (?)] مفتقرة إلى الإضافة نحو قولك: جاء الزيدان معاً، وجاء الناسُ معاً، ومنه قول امرئ القيس (?):