حروف العطف، فلا يجوز أن تقول: أَيِّي فأيُّ زيد أكرم؟ ولا أَيِّي ثم أيّ زيد أفضل؟ وإنما يجوز ذلك مع الواو، لأن المفردين مع الواو في حكم الاسم المثنى بخلاف غيرها، وذلك من حيث كانت لا تعطي رتبةً، وإنما تعطي مجرّد الجمع من غير زيادة، فصارت كالتثنية. وأما غيرها من الحروف فإنما يقتضي تفريق المعطوف من المعطوف عليه ولو في الرتبة الزمانية، فلم يرادف المفردان مع غير الواو التثنية، فصار كلُّ اسم عُطِف بغيرها له حكم نفسه، فامتنع العطف ههنا بما عدا الواو، وكلامُ الناظم لا يعطي شيئا من هذا، فكان مُعتَرَضاً.
والثاني: أن هذا التكرار في ظاهرِ مَسَاقِه قياسيّ، فجائز أن يَتَكلَّمَ به في غَير الشعر، لأنه قال: ((وإن كرَّرتها فأضِف)). فوكَلَ ذلك إلى السامع لا إلى العرب. وليس الأمر كذلك، بل هو موقوفٌ على السماع، وقد نَصَّ على ذلك الفارسي، وجعل جوازه كجواز تكرار المفرد بعد كِلاَ في نحو قوله (?):
كلا السيفِ والساقِ الذي ضُرِبَتْ بِهِ
في أنّ كلّ واحدٍ منهما موقوف على السماع، محمول على معناه. ولا يقاس عند الناظم على نحو: كلا السيف والساق، فكذلك ينبغي في: أَيِّي وأيُّ زيد أعرف؟ وهكذا قيل. ويظهر من مساق سيبويه في باب أَيّ، وإذا كان كذلك ظهر أنّ ما أعطاه مساق الكلام من القياس غير صحيح.
والثالث: لو سُلِّم أَنَ التكرار قياسيّ فإنما يكون كذلك حيث كان المجرور بأ] ٍّ أولاً ضمير المتكلم، نحو: أَيِّي وأيُّ زيدٍ أعلم؟ وهو الذي عيّنه السماع كما تقدّم، فلا يقال: أيّك وأيّ زيدٍ أفضل؟ ولا: أيّ زيد وأيّ عمرو أعلم؟ وعبارة