التنبيهُ على هذه القاعدة. وإن سُلِّم أنه بَلَغَ مبلغَ القياسِ عليه في كلام العرب، فقد يقال: إن الناظم لم يعتبره حيث كان الحديث قد نهى عن استعماله، فصار القياس على ما سُمِع ممنوعاً شرعاً؛ ألا تراه قال: ((لا (?) يَقُولَنّ لَبَّى يَدَيْكَ))، فهذا معنى المنعِ من القياسِ على ما قيل منه، وهذا من غرائب أحكام العربيَّةِ أن يُمنَعَ من القياس لمانعٍ شرعيِّ، ولكنْ له نظائر كالمنع من تثنية أسماء الله تعالى وجمعها وتصغيرها، وإن كان قياس العربية يقتضى تثنية الأسماء المعربات على الجُمْلة، وكذلك تصغير الأسماء التي سُمِّى بها نَبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلَّم تسليما- فإنه أعظمُ الخَلْقِ عند الله تعالى، فلا يجوزُ تصغيرُ اسمهِ وإن كان لفظاً، لِعظَمِ المدلولِ-عليه السلام- والألفاظ تشرُفُ بِشَرَفِ مدلولها شَرْعاً، وهذا الموضع مما مَنَعَ الشرع من استعماله، وذلك يستلزم مَنْعَ القياس عليه، فمنَعَهُ الناظمُ وسمَّى ما سُمِع منه مخالفا للمشروع شاذاً، لمساواته للشاذِّ العربِّي الذي لا يقاس عليه، والله أعلم.

والرابعةُ: أن هذه المسألة/ اقتضتْ مَنْعَ إضافة هذه الأسماء إلى الظاهرِ بإطلاق، ... 36

وهو مِّشِكِلٌ؛ فإن كلام سيبويه يُشعر بخلافه، وذلك أنه حين تكلم مع يُونُس في زعمه أن لَبيك اسمٌ مفردٌ لا مثنى، وأن قلب ألفه مع المُضمر كقلب ألف عليك، استدل على أنه ليس كذلك بأن قال: ((لأنك تقول (?): لَبَّى زيدٍ، وسَعْدى زيد (?)))، فظاهرُ هذا جوازُ ما منعه الناظم، ويمكن أن يكون معنى قول سيبويه: لأنك إذا أظهرت الاسم، أي في نحو:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015