إحداها: أن ما ذَكرَ من الأسماء لم يأت فيها سماعٌ بإضافة إلى الظاهر غير ما استثنى لقوله: (وَشَذَّ) كذا في كذا، ولو كان قد سُمِعَ في غير لَبَّى، لم يقل: ((وّشَذَّ إيلاءُ يَدَىْ للبَّىْ))، وَلأَتَى بعبارةٍ تَشْمَلُ جَميِعَ ما سُمِع فيه منها شَيء، لكنه لم يفعل ذلك، فَدَلَّ على اختصاص السَّماعِ بلَبَّىْ.
والثانية: إشعاره بموضع السماع في لَبَّى، وهو كونُه أضيف من الأسماء الظاهرة إلى لَفْظِ يَدَىْ، وإشارته إلى نحو ما أنشد سيبويه من قول الشاعر (?):
دَعَوتُ لما نَابَنِىِ مِسْوَرَا
فَلَبَّى، فَلَبَّىْ يَدَىْ مِسْوّرِ
وكأنه لم يُسْمَع في غير اليدَينِ أصْلاً.
ورُوِي في بعض الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسم- أنه قال:
((إذا دعا أحُدكم أخاه/ فقال: لَبَّيك. فلا يَقُولَنَّ: لَبَّى يَدَيْكَ. وليقل: 359
أجابَكَ اللهُ بما تُحِبُّ (?))). وهذا مما يُشْعِرُ بأنَّ عادَةَ العَرَبِ إذا دَعَتْ (?) فأُجِيبَتْ بلبَّيكَ أن تقولَ: لَبَّىْ يَدَيْكَ، فَنَهَى عليه السلامُ عن هذا القولِ وعَوَّض منه كلاماً حَسَناً، ويُشْعِرُ بهذا أيضا معنى البيت المتقدِّمِ، فعلى هذا ليس بمختصٍّ بالشِّعرِ.