كافة وغير كافة، فإذًا قوله: (فلم تعق عن عمٍل قد علما) بالنسبة إلى الباء غير صادق. أما بالنسبة إلى (من) و (عن) فهو صحيح.

ويمكن أن يجاب عن ذلك بأمرين:

أحدهما: أن كون (ما) كافة في تلك الشواهد غير متعين؛ لإمكان كونها مصدرية على معنى: لئن صرت غير مجيٍب لرؤيتك خطيبًا، أي: هذا بذاك، وكذلك باقي الأبيات يمكن حملها على هذا التقدير، فلا يكون فيها دليل على ثبوت الكف لما، كما لو يثبت لها ذلك مع من وعن في نحو: عجبت مما صنعت، أي من صنعك، وما أشبه ذلك.

والثاني: أنا لو سلمنا وجود ذلك كما أنشد لكان لنا أند ندعي قلته وأنه لم يبلغ من الكثرة مبلغ ما يقاس عليه؛ فلذلك لم يذكره، كما لم يذكر في هذه الحروف اللام، وقد لحقتها (ما) غير كافة. قال الأعشى:

إلى ملٍك خير أربابه ... فإن لما كل شي قرارا

إلا أن ذلك قليل، فلم يعتن بذكره.

وأما القسم الثاني: وهو ما جاء فيه الكف بما عن العمل فحرفاٍن: وهما رب، والكاف، وذلك قوله: (وزيد) يعني حرف (ما)، (بعد رب والكاف فكف) يريد أن (ما) زيد بعد هذين الحرفين، فكفهما عن العمل، وهيأتهما للدخول على الأفعال فصارا من حروف الابتداء، وذلك قولك: ربما يقوم زيد. قال الله تعالى: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}. وأنشد أبو عمرو، وغيره قول الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015