ولتساوي الاستعمال بينهما. وذلك كله فيه ما ترى.

والرابع: أن تعريفه بأحكامها يقتضي أنها موقوفة على السماع؛ لأنه قال: /326/ إنهما اسمان حيث رفع ما بعدهما، أو أوليا/ الفعل، وحرفان حيث جرا، وهذا تقرير فيما سمع، فاقتضى ذلك أن جميع ما ذكر لهما موقوف على السماع، وأن تأويله ما ذكر، والمقصود إنما هو التعريف بالقياس فيهما لا بالسماع.

والخامس: أن مقصود النحويين في هذا الفصل بيان حكم (مذ) و (منذ) إذا كانا حرفين، وإذا كانا اسمين، فيقولون: إذا كانا حرفين انجر ما بعدهما، أو أسمين ارتفع، ويجرون القياس. وكذلك يقولون: إذا وقع بعدهما الحاضر، فإنهما يجرانه، وفي الماضي الوجهان، فكان الزمان الحاضر لا يدخل عليه إلا الحرفية منهما بخلاف الماضي، فإن كل واحدة من الاسمية والحرفية تدخل عليه، وكذلك ما أشبه هذا الكلام الدال على إجراء القياس بناء على الحرفية أو الاسمية.

أما الناظم فإنه عكس الأمر، فجعل تلك الأحكام المحكية عن العرب المسوقة مساق السماع دلالة على الحرفية والاسمية. وهذا يلزم فيه الدور بناء على قصد النحويين، فإنه إذا قيل له: أين يكونان اسمين؟ فقال: في موضع كذا. فقيل له: ما حكم موضع كذا؟ فلا بد أن يقول: إن كانا اسمين فحكمه كذا، أو حرفين فحكمه كذا، فقد توقف العلم بكونهما اسمين أو حرفين على حكم الموضع الذي يقعان فيه، وتوقف العلم بحكم الموضع على كونهما اسمين أو حرفين، فلا يعرف واحد منهما إلا بعد معرفة الآخر، وذلك محال.

والسادس: قوله: (أو أوليا الفعل) تقييد غير محتاج إليه؛ بل هو موهم لحكم غير صحيح، فإنه يقتضي بمفهومه أن الجملة الاسمية إذا وقعت بعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015