كونهما إذ ذاك حرفين، وكذلك الجر لا يدل بنفسه على الحرفية حتى يبينه من تعرض لبيان كلام العرب كالناظم، فكان من حقه أن يقول: (وأن يجرا فحرفان ككذا) وما أشبه ذلك مما ينص على الحرفية، إلا أنه لم يفعل، فكان معترضًا عليه.

والثاني: أنا إذا سلمنا أنهما على وجهين من الاسمية والحرفية فليسا على وجهين؛ بل على ثلاثة أوجه:

وجه يكونان فيه اسمين لا غير.

ووجه يكونان فيه حرفين لا غير.

ووجه يكونان فيه محتملين للاسمية والحرفية.

والأولان قد بينا، والثالث المحتمل: أن يقع بعدهما (أن) وصلتها، نحو: ما رأيته منذ أن الله خلقتني، فهذا على رأيه ورأي غيره يحتمل أن يكون في موضع جر على أن تكون الحرفية، أو في موضع رفع على أن تكون الاسمية.

وأما غيره فيقولون مثل ذلك، أعنى أنهم يقسمونهما ثلاثة أقسام، لكن على طريقة أخرى، فيقولون، يكونان حرفين إذا دخلا على الزمان الحاضر، وإذا دخلا على كم، نحو: ما رأيته مذ يومنا، ومنذ كم سرت؟ . ويكونان اسمين إذا دخلا على الفعل الماضي، قيل: أو على الجملة الاسمية، نحو:

* ما زال مذ عقدت يداه إزاره*

وأنشد سيبويه قول الآخر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015