هل لها موضع من الإعراب أم لا؟ على قولين:

أحدهما: أن لا موضع لها، وإنما هي مفسرة لمقدار الزمان الذي اقتضاه ما قبلها؛ لأنك إذا قلت: ما رأيته، دل على أن انقطاع الرؤية في زمان لا يدري السامع من اللفظ ما مقداره، فجاءت الجملة الثانية مفسرة لهذا المعنى، كما قيل في قوله تعالى: {وعد الله الذين أمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم}. وذلك أن هذه الجملة الثانية مفسرة للموعود الذي هو مفعول ثانٍ لـ (وعد)، لما استحال أن تكون هذه الجملة مفعولًا ثانيًا له، لأن لـ (وعد) من باب أعطى، والمفعول الثاني من باب أعطى لا تقع الجملة موقعة، وإنما ذلك لباب ظنت، وسائر ما يدخل على المبتدأ والخبر. وإذا كانت مفسرة فلا موضع لها، فكذلك هذه الجملة.

والثاني: أن لها موضعًا من الإعراب، وهو النصب على الحال، كأنه قال: ما رأيته متقدمًا، أي تقدمًا زماني؛ لأن انقطاع الرؤية متصل بزمانه الذي هو فيه، وهذا فيه تكلف، وإشكال، ولكن به صارت الجملتان في حكم الواحدة برابط الضمير المقدر، والقول الأول أولى، وعليه الأكثر.

ويبقى النظر بين رأي الناظم ورأي الزجاجي، فيرجح بأنه أقوى- أعنى رأي الناظم من جهة المعنى- بأنك إذا قدرت قولك: ما رأيته مذ يومان: أمد ذلك يومان. وقولك: ما رأيته منذ يوم الجمعة، ابتداء انقطاعها يوم الجمعة، أو أول ذلك يوم الجمعة كان صحيحًا، وأنت إذا قدرت- على مذهب الزجاجي- بيني وبين لقائه يوم الجمعة لم يستقم هذا التقدير حتى تقول: وما بعده إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015