مستقر الاسمية وإلا فلو كان الجار داخلًا قبل استقرارها لما كان دليلًا عليها، وحينئذٍ يلزم أن يكون (عن) و (على) محتملين مع التجريد من الجار.
فإن قيل: فهل لنا أن ندعي أنهما عند التجريد محتملان كالكاف الجارة.
قيل: إنما يدعي هذا على رأي من يدعي أن الاسمية فيهما قياس، وإن كان ضعيفًا.
وأما على رأي من لا يرى ذلك فلا ينبغي دعوى الاحتمال فيهما لأمرين:
أحدهما: أن الأصل فيهما الحرفية، فلا يخرجان عنه إلا بدليل، ولا دليل؛ إذ لم يثبت لهما الاسمية على الإطلاق.
والثاني: أن ما جاء فيهما متعين الاسمية نادر لا يقوى أن يقاس عليه غيره، وإذا كان كذلك كان كلام الناظم واردًا على اعتقاد العرب فيهما الاسمية، لا على اعتقادنا؛ إذ كان اعتقادنا لها ثانيًا عن وجود الجار داخلًا عليهما، عكس اعتقاد العرب؛ إذ كانت إنما أدخلته عليهما بعد اعتقاد الاسمية، فلا إشكال، فإذا وقع لنا في شعر أو غيره أن ندخل الجار عليهما، فلذلك قياس على ما نطقت به العرب، لا على مجرد الاحتمال، فكان الناظم تكلم على حسب اعتقاد العرب (قبل إدخال الجار، وغيره إنما تكلم على حسب اعتقادنا) فيما تكلمت به العرب، فإذا قد انتظم كلامه مع كلام النحويين.
فإن قيل: هل في كلامه دلالة على كون أسميتها وإدخال الجار عليهما قياسًا أو سماعًا أم لا؟
فالجواب/: (واستعمل اسمًا) ظاهر أنه يريد أن العرب استعملته كذلك- يعني الكاف-، ثم قال: (وكذا عن وعلى) أي استعملتهما العرب