الباء دخيل غير أصيٍل، ويشهد لذلك عدم كثرته، وقصوره عن بلوغ ما يقاس عليه حتى إنه لو فرض كثيرًا شهيرًا لما نسبوه إلى الحرف، بل نسبوا الحرفين معًا إلى المعنى، كما قال المؤلف في إلى واللام إنهما معًا لانتهاء الغاية، ولم يقل إن (وإلى) لانتهاء الغاية، واللام بمعنى إلى، كما قال هنا: إن الباء بمعنى مع، وكذا؛ إيذانًا بأصالة اللام عنده في ذلك، وعدم أصالة الباء فيه.

وعلى هذا المهيع يجري سائر ما ذكروا من ذلك، فاعتبروا الحال الظاهرة، فأثبتوا من المعاني ما شهدت لهم به، ولم يهملوا الأصالة والفرعية، فبينوها بإشارة لطيفة يهتدي إليها الذكي.

فهذا هو الذي اعتمد عليه الناظم، وقد بان وجهه، وزال بعده، ولم يبق فيه إلا أن يقال: إن هذا التصرف غير لائق بالحروف، وهم قد نسبوها إليها؛ إذ قد عوض بعضها من بعض، ولم يجعلوا ذلك منسوبًا إلى الأفعال، فيقال: لا ينكر في الحروف تعويض بعضها من بعض، فقد عوضوا همزة القطع، وهمزة الاستفهام من حرف القسم في اسم الله فقالوا: الله لأفعلن، والله؟ وعوضوا الواو من رب في قولهم:

* وبلدٍة ليس بها أنيس *

وعوضوا لم ولن من ما. فقال الأعشي:

* أجدك لم تغتمض ليلة *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015