ونكرم، ويكرم على أكرم في حذف الهمزة.
وأما المعنوية: فكقول أبي كبيٍر الهذلي:
ما إن يمس الأرض إلا منكب ... منه وحرف الساق طي المحمل
لأن قوله: (ما إن يمس الأرض إلا منكب منه وحرف الساق) يفيد أنه طاٍو، فأنابه لذلك مناب الفعل لو ذكره، فصار كقوله: طوى (طي المحمل).
ولهذا نظائر كثيرة في كلامهم، فكذلك حملوا بعض هذه/ الحروف على بعض لتساوي المعاني وتداخلها، أعني معاني الأفعال التي تعلقت الحروف بها.
ثم ذكر من هذا الباب أمثلة كثيرة رد فيها الحروف إلى أصول معانيها بكون أفعالها في معنى أفعاٍل أخر، وكان هذا عنده أولى من إثبات معنى لحرٍف لم يثبت فيه من استقراء صحيح. وهذا الأصل جاٍر فيما تقدم من الأمثلة في وقوع الباء موقع مع، أو عن، أو من.
أما قولهم: "المرء بأصغريه". فمعنى الإلصاق فيه ظاهر؛ لأن المعنى موجود أو كائن بهما، فقد ألصق وجوده بهما، كما كان معنى مررت بزيٍد: ألصقت مروري بزيد، وكذلك قولهم: ذهبت بزيد، أي ألصقت ذهابي به، وخرجت بثيابي، على معنى ملتبسًا بها، فالمجرور في موضع الحال، ولو نطق بذلك كان الإلصاق فيها ظاهرًا. وأما قول الله تعالى: {قد جاءكم الرسول بالحق}