وقول الآخر:
فكفى بنا فضلًا على من غيرنا ... حب النبي محمٍد إيانا
إلى أشياء من هذا القبيل لا يقاس عليها، وقد زيدت أيضًا قياسًا في أفعل به في التعجب، وقد وقعت الإشارة إليه في بابه فلم يحتج إلى ذكر شيء من ذلك هنا.
ثم أعلم أن هنا نظرًا من وجهين:
أحدهما: أن هذه المواضع التي توضع فيها الحروف بعضها مكان بعض ظاهر مستنكر؛ وذلك أنه قد تقرر في الحروف أنها لا تتصرف وتلزم مواضعها التي وضعت فيها، وكون الحرف يخرج عن أصل معناه فيضمن معنى حرف آخر حتى يوضع في موضعه تصرف ظاهر، فالواجب فيما كان ظاهره هذا ألا يرسل القول فيه إرسالًا، وألا يقال بظاهره إلا إذا دعت إليه ضرورة، ولم يوجد عنه ملتحد. وأما إذا لم تضم إليه ضرورة فلا ينبغي أن يحمل على ظاهره حتى يعطى من التأمل حقه، ومن القياس ما يسوغه، وقد وجدنا هذه المواضع التي استشهد بها محتملة لخلاف ما قال الناظم، ومن وافقه هو. وإثبات معنى لكلمٍة ما بالمحتمل لا يسوغ؛ لأنه تقول على كتاب الله، وكلام العرب، وذلك أن هذا الاتساع بوضع الكلم بعضها مكان بعض أولى أن ينسب إلى الأفعال التي لها التصرف بحق الأصل بحيث يصير الفعل إلى معنى فعل آخر، فيبقى الحرف على وضعه الأصلي، فإن الحمل على المعنى في الأفعال سنن واضح، وأمر