بغير نعت البيان حملًا على امتناع نعته به. ونظائره كثيرة، وهذا من ذلك.
والسادس: أن امتناع أصالة الفاعلية في منع التقديم على العامل متروك في نحو: أعطيت زيدًا درهمًا، فإن زيداً في الأصل فاعل وبعد جعله مفعولًا لم يعتبر ما كان له من منع التقديم؛ بل أجيز فيه ما يجوز فيما لا فاعلية له في الأصل، فكذا ينبغي أن يفعل بالتمييز المذكور.
والجواب: أن هذا بعينه هو رد ابن عصفور، وأجيب بالفرق بين المسألتين: أن زيدًا هنا، لم يكن قط فاعلاً بهذه البنية الناصبة له، وإنما كان فاعلًا في بنية أخرى وهي عطا قبل النقل، وهما بنيتان مختلفتان كما ترى، وأما التمييز فإنه فاعل في الأصل والمعنى بهذه البنية الناصبة له في الحال، وليس مفعولًا صحيحًا كزيد في أعطيت زيدًا درهمًا، وقد تقدم هذا المعنى.
هذا ما احتج به ابن مالك، وما رد به الأستاذ - رحمه الله. قال ابن الضائع: والصحيح في المنع عدم ورود السماع به، وذلك أن التمييز كثير في الكلام، فإن لم يرد مقدمًا في موضع أصلًا - يعني في الكلام - دليل على رفضه. قال: ويدل على ذلك أن مجوز تقديمه لم يعثر على اتساعه في كلام العرب واتساع من بعده إلا على هذا البيت - يعني بيت المخبل - وليس بنص فيما زعموا، ولو كان نصًا لوجب حمله على الضرورة؛ إذ لم يرد. وما قال ابن الضائع من الاعتماد على السماع هو الأصل عند الجميع، ولكنهم مع ذلك أظهروا للمنع وجوهًا من القياس، فالحق إذا ما ذهب إليه الناظم هنا.
حدثنا شيخنا الأستاذ أبو عبد الله بن الفخار - رحمة الله عليه - قال: أخبرني من أثق به من أصحابنا - يعني تلميذه الشيخ أبا جعفر الشقوري شيخنا أنه