وهو في التقدير مضاف إلى المقدار، فينبغي ألا يضاف إلى المفسر الذي هو (أرضًا) لأنه قد أضيف قبله إلى المقدار، فلما اقتضاه ولم تمكن إضافته إليه؛ إذ هو قد تم بما أضيف إليه أشبه الصفة المشبهة باسم الفاعل، فنصب ما بعده على التشبيه. ويسمى تمييزًا كما تقدم، فهذا معنى كونه ناصبًا له، وكذلك تجري سائر المثل المنتصبة عن تمام الاسم.
ثم تأتي بأمثلٍة من التمييز لكن مما هو منصوب عن تمام الاسم فقال: (كشبرٍ) أرضًا) إلى آخره، وهي ثلاثة كلها مميز للمقدار. والمقادير أربعة: مقدار المساحة، ومقدار الكيل، ومقدار الوزن، ومقدار العد. فقوله: (كشبرٍ أرضًا) من مقدار المساحة، وقوله: (وقفزٍ برًا) من مقدار الكيل. وقوله (ومنوين عسلًا وتمرًا) من مقدار الوزن. وبقي المقدار الرابع لم يأت له بمثال، وكان حقه أن يأتي به؛ لأنه قصد بهذه الأمثلة بيان أنواع المقدار، وهو مقدار العد نحو: عشرين درهمًا، وخمسة عشر ثوبًا وكأنه ترك ذكره لبابه.
ومن الأول قولك: عندي ذراع ثوبًا، وما في السماء موضع راحٍة سحابًا، ومن الثاني قولك: عليه نحي سمنًا، وهذا راقود خلا. ومن الثالث: {فمن يعمل مقال ذرٍة خيرًا يره ومن يعمل مثقال درٍة شرًا يره}. فتكثير الناظم المثل إشعار بأنواع المقادير. وأيضًا فإن فيها إشارة إلى ما به تمام الاسم، وذلك أن الاسم الذي ينتصب بعده التمييز لا يكون إلا تامًا، ومعنى تمامه أن يكون فيه تنوين أو نون تشبهه، وهي نون التثنية والجمع، وما جرى مجراهما، وما يعاقب التنوين وذلك الإضافة، والألف واللام، فالتنوين في قوله: (كشبرٍ أرضًا وقفيزٍ برًا) والنون التي