قسم ينتصب عن تمام الكلام نحو: طاب زيد نفسًا {واشتعل الرأس شيبًا} وقسم ينتصب عن تمام الاسم (كشبر أرضًا) ورطٍل زيتٍا. فالأول يعمل فيه الفعل، لأنه مفسر به بوجٍه ما. ألا ترى أن الفعل بالنسبة إلى من أسند إليه غير بين، كما أن المسند إليه بالنسبة إلى الفعل غير واضٍح، فصار نفسًا في قولك: طاب زيد نفسًا، مفسرٍا للطيب بالنسبة إلى زيٍد بوجه وبوجه للنسبة الحاصلة بين زيٍد والطيب، أو لمحل تلك النسبة، وهو زيد، فعلى هذا ينبغي أن يفهم قوله (بما قد فسره) بالنسبة إلى مميز الجملة، إذ كان قد يشمل القسمين معًا مميز الجملة ومميز المفرد، وإنما كان ذلك لأن أصل الكلام على غير ذلك الوضع؛ إذ كان أصل قولك: طاب زيد نفسًا، طابت نفس زيٍد، ثم نسب الفعل إلى زيٍد والمراد نفسه مبالغة، فلما أسند الفعل إلى زيٍد، وأريد بيان ذلك المعنى المقصود أتوا بالنفس منصوبٍة؛ إذ لم يمكن رفعها لوجود المرفوع في اللفظ وأشبهت المفعول به من جهة مجيئها بعد تمام الكلام، فانتصب على التشبيه بالمفعول به، وخصوها باسم التمييز حين كانت نكرة، وخصوا ما كان معرفة بالتشبيه فرقًا بينهما، وإلا فكل واحد منهما منصوب على التشبيه. وعلى هذا الحد انتصب شيبًا في {اشتعل الرأس شيبًا} وسائر ما جاء من ذلك.

وأما/ القسم الثاني: وهو ما انتصب عن تمام الاسم، فالعامل فيه ذلك الاسم فقوله: (شبر أرضًا) الناصب لأرضًا قولك: (شبٍر) تشبيهًا له بضارب إذا قلت: ضارب زيدًا. وذلك أنك إذا قلت: عندي شبر، فليس التمييز لهذا المقدار نفسه؛ بل للمقدر به، فالمعنى عندي قدر شبٍر، فلما استبهم القدر فسر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015