الألفاظ وضبط القوانين، والتحرز من الاعتراض، والتوقي من تداخل القواعد، وانكسار الأصول ما لا يقصده غيره، وقد ظهر بما تقدم من ذلك ما يُستحسن ويُستملح، ويُنشط الكسل، ويُنهض العزائم في النظر في هذا النظم خصوصًا، وسيأتيك من ذلك ما تقر به عين المنصف من مفيد ومستفيد بحول الله. وقوله: (وجملة الحال سوى ما قدما) / مبتدأ خبره (بواوٍ) وما بعده معطوفات. و (سوى) منصوب على الاستثناء.
والحال قد يحذف ما فيها عمل .... وبعض ما يُحذف ذكره حظل
هذه مسألة من أحكام العوامل في الحال، وهو المحذوف، فبين أن عامل الحال قد يُحذف في بعض المواضع كما يُحذف عامل غيره كعامل المفعول به، والعامل في خبر المبتدأ، وهو المبتدأ، ومن شأن العرب الحذف اختصارًا إذا استطالت الكلام، فهو من جملة تصرفاتها في الكلام، ثم إن الناظم هنا ترك بيان أمور:
أحدها: أنه لابد من أن يكون على المحذوف دليل، فربما يوهم ذلك أن هذا العامل يجوز حذفه وإن لم يكن عليه دليل، كما قد يوجد بعض المحذوفات لا دليل عليه.
والثاني: أن عامل الحال قد يكون فعلًا، وقد يكون صفة، وقد يكون حرفًا من الحروف المشربة معنى الفعل، أو من الأسماء الجامدة التي أشربت معنى الفعل، فلم يبين ما الذي يحذف من هذه الأمور، وقد يتوهم أنه مستعمل في هذه الأنواع كلها، أو قد يختص ببعضها، وذلك البعض لم يتعين فيقع الإشكال.
والثالث: أن هذا الحذف يمكن أن يكون قياسًا كله أو سماعًا كله أو يكون بعضه قياسًا ويعضه سماعًا. وهو قد أطلق هنا القول بقلة الحذف على الجملة، ولم يحصل تصريح بقياسٍ ولا سماع، فقد يُوهم إطلاقه أمرًا لم يقصده الناظم.