ودخلت في قوله أولًا (وعامل الحال بها قد أكدا) ولذلك جعل هنا العامل مضمرًا، فلو كان ثم ما يصلح للعمل لم يحتج إلى تقديره، ومراده أن الحال قد تؤكد معنى الجملة، فإن أردت ذلك- ولابد من عامل في الحال- فأضمر لها عاملًا، إذ المنصوب مفتقر إلى ناصب، أما التوكيد بها، فنحو: قولك: هو الحق بينًا، وهو زيد معروفًا، وأنا زيد معلوم المرتبة، وما أشبه ذلك مما يكون فيه المبتدأ والخبر معرفتين؛ لأن مقصودك أن تخبر عن المكور باسمه المعروف به من كان يجهله، أو ظن أنه يجهله ثم أتيت بالحال تؤكد أن المذكور زيد وتحققه، وكأنك إنما أردت بقولك: هو زيد أنه هو المعروف المعلوم الخبر والقصة فأكدت ذلك المعنى بالحال. وعلى هذا لا يجوز أن تذكر بعد هذه الجملة من الأحوال إلا ما يعطيه قصد الجملة أولًا من اليقين، نحو ما مثل به، وأنشد سيبويه لسالم بن دارة:

أنا ابن دارة معروفًا له نسبي ... وهل بدارة يا للناس من عار

أو الفخر بصفةٍ يفخر بها، نحو: أنا زيد شجاعًا، وأنا عبد الله كريمًا. ومنه ما أنشده ابن خروف من فول الشاعر:

فإني الليث مرهوبًا حماه ... وعيدي زاجر دون افتراسي

وقول الآخر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015