وهذا الضرب قليل بخلاف الموافقة في المعنى فقط، فإن ذلك كثير؛ لأن العرب تتحاشى في أكثر كلامها عن التكرار اللفظي، ولكن فد جاء في القرآن الكريم {وأرسلنا للناس رسولًا} {وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره}، ولأجل قلة هذا القسم لم يُمثل به الناظم، وإنما مثل بالأول؛ لأن الباب الغالب، وترك التمثيل بالآخر؛ لأنه ليس في درجته، ولكنه في المعنى لاحق بالأول. ويمكن أن يكون أتى بالمثال تقييدًا لما تقدم من لإطلاق الحكم حتى يكون قاصدًا لإخراج نحو: قم قائمًا؛ لأنه عنده غير مقيس، فلا يجوز على هذا التنزيل أن تقول: خرجت خارجًا، ولا ضربت زيد ضاربًا، ولا ما أشبه لك. وهو خلاف ما يظهر منه في التسهيل. وقد نص في الشرح أنه قليل، فذلك احتمل هذا التمثيل البيان، واحتمل التخصيص والتقييد، وتوجيه كل واحد من الوجهين ظاهر، فإن الجميع مستند إلى السماع، فيمكن أن يقول بالقياس لمجيئه في الكلام، وإن كان قليلًا كعادته، في أمثال ذلك، ويمكن أن يقول بوقفه على السماع لقلة استعماله وضعف قياسه.
والثانيمن وجهي الحال المؤكدة: أن تقع مؤكدة لمعنى جملة ليس واحد من جزئيها بصالح للعمل في الحال، ولا يكون ذلك إلا وهما اسمان جامدان، وذلك قوله: (وأن تكون جملة) يريد: ليس فيها ما يصلح للعمل، ويعين هذا المقصد أنه لو كان واحد من جزئيها صالحًا للعمل لكانت الحال مؤكدة له،