وأن يجوز أيضًا: زيد أخوك وعمرو محترمًا، بمعنى أعطفه محترمًا، أو ما كان مثل ذلك، وهو غير جائز اتفاقًا فكيف يطلق القول في أن ما ضمن معنى الفعل يعمل في الحال؟

فالجواب: أن الحروف لم تضمن معاني الأفعال على حد ما ضمنته ليت ولعل ونحوهما، وإنما عبروا عن ذلك بأن الحروف في أصل الوضع جُعلت عوضًا من الأفعال، ونائبة عنها لا أنها تضمنت معانيها، وفرق بين تضمين معنى الفعل والتعويض عنه. أم التضمين فهو طارئ على الوضع الأول، حادث بعد التركيب. وأما التعويض- هنا- فهو في أصل الوضع، لا مثل تعويض (ما) عن الفعل في نحو:

* أم أنت ذا نفر *

فإن هذا عرض أيضًا بعد التركيب، وتعويض ما مثلًا عن أنفي أصلي قبل التركيب. وأيضًا فإن معنى الفعل في الحروف قد استهلك جملة كما استهلك معنى الفعل من يزيد، ويشكر وأحمد التي/ هي أعلام، ومعنى الفعل في كأن، وليت لم يستهلك بل لُحظ واعتبر. وأيضًا فإن المعنى المضمن ليس ذلك المعنى الأصيل بل هو زائد عليه، ولذلك عبر عنه بضمن الذي هو في الاصطلاح لجعل معنى لم يكن، ولم يقل عوض عن الفعل؛ لأن التعويض أتم من التضمين عندهم. فالحاصل أن لفظ (ضمن) أحرز أن المعنى المراد هنا ليس المعنى الأصلي الذي في الحروف، وإنما هو معنى طارئ، فتأمله. وقد بين هذا المعنى ابن جني في كتاب التعاقب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015