لأنهم لما استقروا كلام العرب ليقيموا منه قوانين يحذى حذوها وجدوه على قسمين:

قسم سهل عليهم فيه وجه القياس ولم يعارضه معارض لشياعه في الاستعمال، وكثرة النظائر فيه فأعملوه بإطلاق علمًا بأن العرب كذلك كانت تفعل/ في قياسه.

وقسم لم يظهر لهم فيه وجه أو عرضه معرض لقلته وكثرة ما خالفه. فهنا قالوا: إنه شاذ، أو موقوف على السماع، أو نحو ذلك، بمعنى أننا نتبع العرب فيما تكلموا به من ذلك، ولا نقيس غيره عليه، لا لأنه غير فصيحٍ، بل لأنًا نعلم أنها لم تقصد في ذلك القليل أن يُقاس عليه، أو يُغلب على الظن ذلك، وترى المعارض له أقوى وأشهر وأكثر في الاستعمال، هذا الذي يعون لا أنهم يرمون الكلام العربي بالتضعيف والتهجين حاش لله، وهم الذين قاموا بفرض الذب عن ألفاظ الكتاب، وعبارات الشريعة، وكلام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟ فهم أشد توقيرًا لكلام العرب وأشد احتياطًا عليه ممن يغمز عليهم بما هم منه بُراء. اللهم إلا أن يكون في العرب من بعد عن جمهرتهم، وباين بحبوحة أوطانهم، وقارب مساكن العجم، أو ما أشبه ذلك ممن يخالف العرب في بعض كلامها وأنحاء عباراتها، فيقولون: هذه لغة ضعيفة، أو أشبه بذلك من العبارات الدالة على مرتبة تلك اللغة في اللغات. فهذا واجب أن يُعرف به، وهو من جملة حفظ الشريعة والاحتياط لها، وإذا كان هذا قصدهم، وعليه مدارهم فهم أحق أن يُنسب أليهم المعرفة بكلام العرب ومراتبه في الفصاحة، وما من ذلك الفصيح قياس، وما ليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015