نظيرًا، ولم يثبت عندهم جواز التقديم في لغةٍ من اللغات، فالحق ما ذهبوا إليه. ومن عادة ابن مالك التعويلعلى اللفظة الواحدة تأتي في القرآن ظاهرها جواز ما يمنعه النحويون، فيعول عليها في الجواز، ومخالفة الأئمة، وربما رشح ذلك بأبيات مشهورة أو غير مشهورة، ومثل ذلك ليس بإنصاف، فإن القرآن الكريم قد يأتي بما لا يُقاس مثله، وإن كان فصيحًا، وموجهًا في القياس لقلته، ولما تكلم ابن ملكون على بيت الحماسة:
إذا المرء أعيته الرياسة ناشئًا ... فمطلبها كهلًا عليه شديد
مذيلًا على كلام ابن جني فيه قال: "وإنما منع سيبوية من إجازته- يعني تقديم الحال هنا- أرى؛ لقلته في كلامهم، فجرى ما جاء منه مجرى الأشياء الموقوفة على السماع لقلتها، وإن كان لها أقيسة تجوزها كما يتكلم بما تكلموا به، فإن القياس يدفعه، ألا نسمع قوله: "وليس لك أن تريد إلا ما أرادوا" انتهى كلامه. وهو واضح في أنه ليس كلما تكلم به العرب يُقاس عليه، وربما يظن من لم يطلع على مقاصد النحويين أن قولهم: شاذ، أو: لا يُقاس عليه، أو: بعيد في النظر القياسي، أو ما أشبه ذلك ضعيف في نفسه، وغير فصيح، وقد يقع مثل ذلك في القرآن فيقومون في ذلك بالتشنيع على قائل ذلك، وهم أولى لعمر الله أن يُشنع عليهم، ويُمال نحوهم بالتجهيل والتقبيح؛ فإن النحويين إنما قالوا ذلك