وذلك في الكلام كثير كما قال: "بكثرة"، لكن هذا اللفظ يشعر بأمرين:
أحدهما: أن هذا المصدر حال بنفسه لا بالنيابة، وهو مذهب الجمهور. وذهب الأخفش والمبرد [إلى] أن المصدر ههنا منصوبٌ بفعل مضمرٍ نصب المصادر المطلقة، والفعل المضمر في موضع الحال، لكن حذف وقام مصدره مقامه، فأما الأخفش فذلك عنده على الجواز، ولم ينكر مذهب سيبويه. وأما المبرد وأصحابه فالتزموه، ولم يقولوا بغيره. قال السيرافي: "كان المبرد يدعي أن هذا القياس قول النحويين" قال: "وكان الزجاج يذهب إلى تصحيح قول سيبويه، وهو الصواب؛ لأن قول القائل: أتانا زيدٌ مشيًا يصح أن يكون جوابًا لقول من قال: كيف أتاكم زيدٌ؟ وكذلك: كيف لقيت زيدًا؟ فيقول: فجأة"، قال: "ولو كان على قول المبرد لجاز: أتانا زيدٌ المشي، وهو لا يجيزه". هذا ما قال السيرافي. ورد غيره قول المبرد بأنه إن كان الدليل على الفعل المضمر لفظ المصدر المنصوب به فينبغي أن يجوز ذلك في كل مصدر له فعلٌ، وألا يقفوا ذلك على السماع، وإن كان الدليل هو الفعل الظاهر، فذلك لا يمكن؛ لأن القتل لا يدل على الصبر، ولا اللقاء على الفجأة، ولا الإتيان على الركض؛ ولذلك منع سيبويه من دخول السرعة قياسًا.