وإما أن يكون التأويل في السعر ظاهرًا غير متكلف لزومًا بحيث لا يوجد الجامد في السعر إلا ظاهر التأويل بخلاف غير السعر فإن الأمر فيه يختلف، فيكون منه متكلف، وغير متكلف، فغير المتكلف هو الذي يكثر، والمتكلف قليل أو معدوم وكأن هذا الثالث أولى؛ لأنه الموجود في السعر كما تقدم.
والثالثة: المتكلف التأويل من الأحوال الجامدة ظاهر أنه ليس بقياس، إذ أخرجه عن الكثرة في السماع فهو إما معدوم فلا يصح القياس، لأن القياس إنما ينبني على أصلٍ وقد فرض معدومًا، وإما قليل لا يقاس على مثله، إذ لو كان عنده قياسًا لم يخرجه عن حكم غير المتكلف التأويل؛ لأنه لا أثر للقلة والكثرة إذا كان الجميع مقيسًا عليه، فلا معنى لقوله: "بلا تكلف" إذًا، فإذا كان الأمر على هذا ثبت أن ذا التأويل المتكلف لا يقاس عليه أصلًا.
والرابعة: ما ذو التأويل المتكلف المتحرز منه. فاعلم أنك إذا قلت: هذا مالك دينارًا، وجمعت دراهمي أربعةٌ، ومررت برفيقك رأسين، وما أشبه ذلك فتأويل مثل هذا بعيد متكلف لو قدرت معنى دينارًا قليلًا أو متنوعًا، أو قدرت معنى أربعة معدودة، وكذلك الباقي- بخلاف قولك: بينت له حسابه بابا بابًا؛ فإن معنى مفصلًا فيه تأويل ظاهر المعنى، والحال يدل عليه- فمثل هذا لا يقع حالًا، وإن وقع حالًا فمسموع لا يقاس عليه.
والكر ضد الفر، وهو راجع إلى معنى الإقدام. وقوله: "أي كأسد" بيان لوجه التأويل في المثال؛ إذ لو لم يبينه لخفي مقصوده فكان البيان أولى. والله أعلم. [ثم قال]