وأيضًا فإن خلا عند الناظم يجوز فيها النصب على غير قلةٍ؛ إذ لم يقيده بذلك، وهو مذهب سيبويه. وذهب الأخفش إلى أن النصب بها لا يكاد يعرف، وقد استدل ابن خروف على صحة ما حكاه سيبويه من النصب بالنصب بها بعد (ما) باتفاق، ما عدا الجرمي فإنه أجاز الجر بها بعد (ما) حكايةً عن العرب كما سيأتي، فإذا ثبت ذلك فيها مع (ما) جاز فيها دونها من حيث ثبتت فعليتها، وأيضًا فإن سيبويه ما أثبت إلا ما ثبت عنده فليس قول الأخفش حجةً عليه، لأنه نافٍ وسيبويه مثبت، والمثبت مقدم على النافي في مثل هذا، فالأصح ما ذهب إليه الناظم. وهذا كله ما لم يتصل بهما (ما). فأما إن اتصلت بهما (ما) فإن الوجه المختار هو النصب كما نص عليه بقوله: "وبعد ما انصب". فبين أن النصب هو الوجه والقياس المطرد إذا وقعا بعد (ما)، وأما الجر فقليل، لقوله: "وانجرار قد يرد" يريد عن العرب قليلًا، فتقول على المختار: قام القوم ما خلا زيدًا، وقام القوم ما عدا زيدًا، وتكون (ما) مع ما بعدها في موضع نصبٍ، وهي مصدرية كأنه في التقدير: قام القوم مجاوزتهم زيدًا، وهو مصدرٌ منصوبٌ نصب غير وسوى عند ابن خروف، ومصدر في موضع الحال عند السيرافي من باب: رجع عوده على بدئه ونظائره، أي مجاوزين زيدًا أو خالين من زيدٍ؛ فإذا كانت مصدرية لم يصلح أن يكون ما بعدها من خلا وعدا إلا فعلًا، لأن (ما)