والثاني: الجر المنبه عليه الآن، ومنه في خلا قول الشاعر الأعشى:
خلا الله لا أرجو سواك وإنما ... وأعد عيالي شعبة من عيالكا
ومنه في عدا قول الآخر أنشده ابن خروف:
تركنا بالحضيض بنات عوجٍ ... عواكف قد خنعن إلى النسور
أبحناحيهم قتلى، وأسرى ... عدا الشمطاء، والطفل الصغير
وسوى بين خلا وعدا في إجازة الجر بهما. أما في خلا فقال السيرافي: لا خلاف أعلم في جواز الجر بخلا، وأما في عدا فللنحويين في إجازة الجر بها خلاف، فذهب ابن خروف إلى الجواز كالناظم، وفي كلام الأخفش ما يشعر بذلك، فإنه قال: وأما عدا فقد ينصبون بها ويجرون، فإذا جروا فهي حرفٌ بمنزلة من، وإذا نصبوا فهي فعلٌ كأنك قلت: جاوز بعضهم زيدًا، قال: وكذلك خلا، وذلك أنك إذا قلت: ما جاءني أحد، توهم السامع أن زيدًا هو أحد الذين لم يأتوك، فقلت: عدا أحدهم زيدًا، أي ليس في الآتين، ولم يذكر سيبويه الجر بعدا، فحمل على أنه غير جائزٍ عنده، وذلك أن السماع في ذلك قليلٌ، فلم يبلغ سيبويه، فلذلك سكت عنه، وبلغ الأخفش فألحقه بخلا،