من ذلك من الألفاظ الحائدة عن كلام العرب أشياء كثيرةً حتى تقع تخطئة الرواة من الأئمة الناقدين، والعلماء العارفين بكلام العرب من غير نكيرٍ من غيرهم، فالحق أن ابن مالك في هذه القاعدة غير مصيب، كما أنه غير مصيب في قاعدته الأخرى في اعتبار ما في الشعر من الضرورات اعتبار ما يجوز تبديله أو لا يجوز، وأما اعتماده على الشعر مجردًا من نثر شهيرٍ يضاف إليه، أو يوافق لغةً مستعملة يحمل ما في الشعر عليها- فليس بمعتمد عند أهل التحقيق؛ لأن الشعر محل الضرورات. وسيأتي بيان هذا الأصل بعد- إن شاء الله تعالى- والمقصود بيان ضعف مدرك الناظم في جعله سوى متصرفةً كغيرٍ، فإن اعتماده هنا كان على هذين الأصلين، وهو يعتمدها كثيرًا كما أنه يعتمد غيرهما مما لم يعتمده غيره من الأئمة حسب ما ذكر بعضه، ويأتي باقيه- إن شاء الله-:
وقوله: "اجعلا" الألف فيه مبدلة من نون التوكيد الخفيفة.
واستثن ناصبًا بليس، وخلا ... وبعدا، وبيكون بعد لا
هذا هو الكلام على القسم الثالث والرابع من أدوات الاستثناء، فمن القسم الثالث الذي أدواته أفعالٌ ليس ولا يكون. ومن الرابع المتردد بين الفعلية والحرفية خلا، وعدا وحاشا التي يذكرها آخرًا. وصدر الكلام بالأربعة، وهي غير حاشا وأخر الكلام في حاشا لمخالفتها للبواقي في حكم يذكره. و"ناصبا" حالٌ من فاعل (استثن) ويعني أن هذه الأدوات الأربعة، وهي ليس المعروفة الفعلية، وخلا، وعدا المفسرين بعد، ولا يكون، وهي المعبر عنها بقوله: "وبيكون بعد لا"