السلام، ومن هذا ما روي أن قومًا وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من أنتم، فقالوا: بنو غيان، فقال: بل أنتم بنو رشدان"، فاستدل ابن جني بهذا الحديث على أن النون في غيان زائدة، وأنه مشتق من الغي لا من الغين، لأن مثل هذا مقصود فيه نقل اللفظ، وروي أن رجلًا قال: يا رسول الله أيدالك الرجل امرأته؟ فقال: نعم إذا كان ملفجًا، فقال أبو بكر رضي الله عنه: ما قلت وما قال لك رسول الله، فقال عليه السلام: قال لي: أيماطل الرجل امرأته، فقلت: نعم إذا كان فقيرًا، فقال أبو بكر رضي الله عنه: لقد طفت في أحياء العرب فما رأيت أحدًا أفصح منك يا رسول الله فقال: وما يمنعني وأنا قرشي وأرضعت في بني سعد" إلى أمثال هذا من الأحاديث المتحرى فيها اللفظ، وابن مالك- رحمه الله- لم يفصل هذا التفصيل الضروري الذي لابد منه، فبنى الأحكام على الحديث مطلقًا، ولا أعرف له فيه من النحاة سلفًا إلا أن ابن خروف يأتي بأحاديث في تمثيل جملةٍ من المسائل، وقصده في الغالب لا يتبين في ذلك حتى قال ابن الضائع: لا أدري هل يأتي بها بانيًا عليها أم هي لمجرد التمثيل، هذا معنى كلامه، وكأن ابن مالك بنى- والله أعلم- على القول بمنع نقل الحديث بالمعنى مطلقًا، وهو قولٌ ضعيف يرده المقطوع به من نقل القضايا المتحدة بالألفاظ المختلفة غير مختصٍ بزمان الصحابة دون غيرهم، ولا مقتصر به على العرب دون من عداهم، ومن تأمل في كتب الحديث وجد فيها